بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على
اشرف الأنبياء والمرسلين و سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم
الدين أما بعد :-
لاشك انك سمعت خطبة أو محاضرة للدكتور عدنان إبراهيم
, أو تكون قد سمعت عنه , أو تحدث عنه شخص بشأنه , فالدكتور أصبح حديث الناس وأصبح
لديه مؤيدين ومعارضين , مادحين وذامين , ممجدين ومزندقين , وإنما حدث ذلك لاختلافه
عن باقي اقرانه فهو غزير العلم وموسوعي ومتعمق , له مباحث في علوم الدين وغيرها
كالعقيدة والفقه والفلسفة و وله خطب يتزايد يوميا عدد مشاهديها , وقد يعتبره البعض
حجة إن قال شيء فهو الحق بعينه لا يقبل النقاش .
على العموم في حديثي هذا لا اقصد التمجيد لهذا
الدكتور ولا ذمة أو تحليل شخصيته أو توضيح مقاصده , ولكن اقصد عبر هذه الكلمات
التعبير عن استغرابي من موقف الآخرين اتجاهه وبالأخص من يمجد الدكتور ويمدحه وهو
في الأساس يذمه من حيث لا يدري .
من خلال متابعتي للدكتور في كثير من خطبة
محاضراته ( في حدود 70 خطبة ومحاضرة ) استطعت أن اعلم فيما يقره وينكره ما يؤمن به وما يكذبه ,
وكل ذلك بلسانه لا بلسان شخص أخر , فمن خلال طرحه طرحه لأفكاره واراءة ومنهجيته
وجدت تقريبا أن كل الطوائف يختلفون معه , لا لمجرد اختلاف في الألفاظ أو الفروع بل
اعني في الأصول والمنهجية التي قد تؤدي إلى الذم والاستخفاف والتقليل من شانه أو
حتى تكفيره وزندقته وهذا للأسف ما حصل , وسوف أقوم بالتحدث عن هذه الطوائف
واختلافهم معه
ولعل ابرز طائفة ولا يخفى على من يتابعه هم :
1- السلفية :
مع تسليمي لهم بمسمى السلفية الذي يعجبهم , ثارت
ثائرتهم عندما تحدث عن معاوية بن أبي سفيان من خلال سلسلة من المحاضرات عددها 27
محاضرة ثم اتبعها ب 5 محاضرات للرد على شبهاتهم , وأقاموا الدنيا عليه ولم يقعدوها
بل وخصصوا له حلقات للرد عليه ولم تخلوا من شتمه وزندقته والافتراء عليه كذلك في
حين من الأحيان , وازدادوا ثبورا عندما تحدث عن خرافة الدجال وتقسيم التوحيد للإمام
ابن تيمية وإنكار عودة عيسى ومشكلته مع البخاري , فهذه الطائفة أعلنت الجهاد على أفكار
الدكتور عدنان إبراهيم .
ما حدث بعد ذلك هو محور حديثي وما أريد أن أتحدث
عنه خصوصا , حيث حدثت حركة أشبه بما تكون بحركة قادة الجيوش أو السياسيين المحنكين
أو التجار , فحدث بما يمكن ان اصفه ب" مصالح فكرية " فقد وقفت اغلب
الطوائف بصف الدكتور عدنان إبراهيم ليس حبا فيه بقدر ما أن عدوهم الفكري أصبح
مشترك وطبقوا القاعدة التي تقول عدو عدوك صديقك ! مع أن من بين هذه الطوائف من
يختلف معه اختلاف كبير كاختلافه مع السلفية كما سأوضحه إن شاء الله .
فهذه الطائفة اعتبرت عدنان إبراهيم مبتدع وزنديق
وكافر فهو يؤول الصفات ويطعن في معاوية وينكر المهدي والدجال وعودة عيسى عليه السلام
و فكل هذه الأمور كفيلة لان يصبح اكبر عدو يهدد أمنهم وسلامتهم .
أما عن الفرقة الثانية وهم :
2- الشيعة :
رغم محاولة الدكتور للتقريب بين المذاهب ولعل أبرزها
السنة والشيعة إلا أن الطرفان قرروا ألا يقتربوا , فلم يسلم الدكتور من الشيعة ,
وتكمن الخلافات في انه ينكر المهدي ( أي مهدي كان ) وينكر الإمامة ووجود نص للإمام
, ويتضح هذا في خطبتيه " ظهر المهدي وفر المهدي " و " الإمامة بين
السنة والشيعة " وكما هو معلوم عند الشيعة أن هذه تعتبر من الأصول الثابتة .
وكما انه يخالفهم في مسألة الصحابة وبالأخص أبو
بكر وعمر وعائشة – رضي الله عنهم – , وهناك اختلاف كثير في الفروع لا تحصره هذه
المساحة كون الدكتور من أهل السنة .
3- الاباضية :
وتعتبر هذه الطائفة اقل من الطائفتين في درجة
الاختلاف , ولكن يظل الاختلاف قائم في العقيدة بالتحديد , فالدكتور عدنان إبراهيم
اشعري الأصول , وهذا ما صرح به قبل أن يكون استنتاجاً , وكما نعلم الاختلاف العقدي
في الصفات والقول بخلق القران ورؤية الله في الآخرة والشفاعة , وكل هذا وأكثر إذا
تعمقنا في المسائل خلاف بين عقيدة الدكتور والاباضية , كما انه لا يقول بخروج فاعل
الكبيرة من النار فقط , بل وبفناء النار .!
ويختلف كذلك مع " بعضهم " حول الصحابة
وبالأخص عثمان وعلي – رضي الله عنهم - .
4- العلمانيين :
عندما نتحدث عن نظام الحكم والسياسة قد تظن أن
الدكتور عدنان إبراهيم علماني ( واعني هنا بفصل الدين عن الدولة ) ولكن من يتابع
الدكتور يعلم عكس ذلك تماما فله خطبة بعنوان " حكومة دينية أم مدنية "
وله لقاء خاص في الجزيرة ببرنامج في العمق يتحدث عن نظام الحكم فهو لا يفصل بين
الدين والسياسة , وكما قال في إحدى خطبه " الحق في شك " فيما معناه نريد
نظام حكم كزمن أبي بكر وعمر , وكما هو معلوم كيف كان حكم أبو بكر وعمر – رضي الله
عنهما – وهذا ما يرفضه العلمانيون ويرمونك بالتخلف والرجعية وعقلك يعود إلى العصور
الحجرية , الم تكن هذه الألقاب أحق بها الدكتور عدنان إبراهيم أيها العلمانيون ؟
5- التائهين :
واعني بالتائهين الذين لم يرسوا على بر أو ميناء
. مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء , من يتبعون أهوائهم لسبيل إرضائها , من لا يمكن
حصر أفكارهم , وعندما تحاورهم كل ما تكتشفه بأنهم حرباء يتلونون في كل مرة بلون ,
وهؤلاء من وجدوا من الدكتور عدنان إبراهيم ارض خصبة لمصالحهم الفكرية , ومع انك لا
تستطيع تحديد فكر معين لهم لكنهم يختلفون مع الدكتور في القواعد والمنهجية .
فهؤلاء ليس لديهم مذهب محددا , أي فتات من هنا
وفتات من هناك , ويقولون بأنهم مسلمين ( وكأن المذاهب خارج الإسلام عندهم ) .
والدكتور عدنان إبراهيم يقول عن نفسه : أنا اشعري الأصول وشافعي الفروع , وهذا أول
خلاف فالمنهج .
الثاني أنهم يمسكون القران ويفسرونه بأنفسهم وهم
لم يصلوا مرحلة الاجتهاد , حتى ابسط القواعد اللغوية لا يدركها , وإنما التفسير
كما يحلوا له ويريه , ويعتبروا تفسير العلماء كالطبري والقرطبي والرازي وابن كثير
من التفاسير القديمة وليس لها أي اعتبار , وكل هذا يخالف منهجية الدكتور وأفعاله .
فهو يستدل بالعلماء الإجلاء في تفسيرهم وكتبهم وأقوالهم , بل انه يقول في إحدى
خطبه انك لن تستطيع فهم كتاب الله ما لم تستعين بالعلماء , فهنا اختلاف في منهجية
كلا منهما .
الثالثة ولان لكثرة أفكار هؤلاء التائهين
سيخالفونه حتما في مسألة من المسائل , على سبيل المثال مسألة الخلافة فهي لا تخرج
عن ثلاث اطر
الأول : إما أن يقولوا أن الخلافة بالشورى
بالتالي يتفقون مع الدكتور في هذه المسألة وسيختلفون معه حتماً مع مسالة أخرى وإلا
كانوا يعدون من مذهب الدكتور .
الثاني : يقولون أن الخلافة بالنص فهم يختلفون
معه مباشرة
الثالث : قول ثالث غير مما سبق وكذلك الاختلاف
مباشره معه .
6- الأشاعرة :
وقد يستغرب البعض كيف يختلف الاشاعرة مع الدكتور
عدنان إبراهيم وهو اشعري , وفي هذا الموضوع نكتة أردت سردها , والاختلاف فعلا وقع
ولكن الاختلاف ليس في الأصول .
فمن إحدى خطب الدكتور فناء النار , واستدل بما
استدل به الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم , فقام بالرد عليه الأستاذ سعيد فودة
, ولكن لم رد عليه ؟
هناك رؤية لطيفة لم قام سعيد فودة بالرد على
عدنان إبراهيم , وذلك لان الأستاذ سعيد فودة متمسك بالمذهب الأشعري وأقوال علمائه
كثيرا , ومن بين علماء الاشاعرة الإمام السبكي الذي رد على ابن تيمية وابن القيم
في مسالة فناء النار في كتابه " الاعتبار بفناء الجنة والنار " . فرد
سعيد فودة على عدنان إبراهيم ليس لان القول القول بفناء النار ليس بعقيدته بل لأنها
معتقد لابن تيمية .
وفي النهاية ما أردته من حديثي لا لأزرع الشقاق وأثير
الفتن , بالعكس تماماً , الهدف منه الكف عن رمي الألقاب بمجرد الاختلاف , فهذا هو
الدكتور عدنان إبراهيم يختلف مع اغلب الطوائف , وليس هو من يختلف مع بقية الطوائف
بل كثيرين وقد تكون من بينهم أنت , وأنا اعني بالذات ذلك الذي يمدح عدنان إبراهيم ويتابعه
أول بأول ويستدل به , إذا ما اختلف مع شخص يحمل نفس أفكار الدكتور رماه بالزندقة أو
التخلف أو الترفض أو غيرها من الألقاب غير المستحبة , أفما كانت هذه الألقاب ترمى
في عدنان إبراهيم قبل أن ترميها في من خالفك ؟ أم كون عدنان إبراهيم بينك وبينه
عدو مشترك وجعلت من قاعدة عدو عدوك صديقك قاعدة لك ؟
واسأل الله الإخلاص .. وصل اللهم على سيدنا محمد
...
الشفعة في الفقه الاسلامي