رُوي عن النبي محمد (ص) : " سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب و يكذب فيها الصادق و يؤتمن فيها الخائن و يخون فيها الأمين و ينطق فيها الرويبضة . قيل : وما الرويبضة ؟
قال : الرجل التافه يتكلم في أمر العامة "
وعاظ السلاطين وفِراخهم معجبين بهذا الحديث، حيث انهم يرمونه على كل شخص يفتح عقله قليلًا، أو يخالفهم في مسألة من المسائل. أو لشخص أراد الإصلاح ما استطاع، معتقدين أن الرسول كان يقصد هذه الفئة من الناس، أو يعلمون أنه يقصد فئة أخرى ولكن يحاولون طمس الحقيقة وتحريفها، فالتحريف لا يحتاج إلى زيادة كلمة أو إنقاصها، فيكفي تحريف المعنى مع إبقاء الكلام على ما هو عليه.
إذا ما دققنا في الصفات التي ذكرها النبي "الكذب" و "الخيانة" والحديث في أمور عامة الناس لا تنطبق في عصرنا الحالي على الغلابة والمساكين، بل على الحكام والمسؤولين، فلا يوجد من ينافسهم في الدجل والخيانة، ومع ذلك فهؤلاء هم من يديرون أمور العامة.
نعم، نحن في زمن الروبيضة، حيث من يدير البلاد الإسلامية اليوم هو من يكذب على شعبه ومن يخون وطنه، كذب على شعبه بعد أن قال لهم انه سيكون عادلًا وسيجعلهم سعداء وسينصف المظلوم وسينصر الضعيف، ولن يقدم على أمر إلا بعد أن يستشيرهم، بينما هو في الواقع من أظلم عباد الله على أرضه، حوّل بلاده إلى حظيرة، نشر الظلم والفساد، زاد الغني غنى والفقير فقرًا، عائلته احتكرت المال والأراضي والتجارة، فرّق بين شعبه واستبد برأيه.
في زمن الرويبضة خان الحاكم شعبه، وأدخل الغُزاة في أرضه، أعطاهم حفنة من المال في سبيل تأمين كرسيه، تآمر مع العدو ضد شعبه، سرق أموال شعبه ووزعها على عائلته والمرتزقة من حوله، يصرف على شعبه بالقطارة بمقدار ما يكفيهم حتى يبقوا أحياء، ذلّ شعبه وشتت شبابه، قدّم الأجنبي في العمل عن ابن جلدته، فهل توجد أعظم من هكذا خيانة؟
إن الحكام والمسئولين - الدجاليين والخونة - الذين نصفق لهم، جعلناهم منارة هذه الأمة وأمنائها وحرّاس الوطن وولاة أمورنا، القادة العِظام أصحاب الفكر المستنير، سبب سعادتنا البائسة، جعلناهم يعيشون في القصور بينما مكانهم الحقيقي مدارس محو الأمية والمصحات العقلية.
أعطيناهم السلطة بالتصرف في أحوالنا، كم خبزة نأكل، كم كوبًا نشرب، كم نفس نستنشق. مجدناهم عظمناهم قدرناهم عبدناهم، فصدقنا الكاذب وأتمنا الخائن، وأصبح الصادق والأمين في ظلمات السجون تحت رحمه المخبرين.
وأتى الزمن المنشود، وصدق الرسول الكريم!
زمن الرويبضة