سنويا وفي كل زيارة لمعرض الكتاب بمسقط أبحث عن دار نشر
قام بجمع مقالات الصادق النيهوم المبعثرة ووضعها في كتاب، فبعد قراءتي لـ
"إسلام ضد الإسلام" "الإسلام في الأسر" "محنة ثقافة
مزورة" "الرمز في القرآن" شعرت أني لم أرتوي من نهر أفكار المفكر
والأديب النيهوم، الكاتب الذي يرسل إليك أفكاره بأسلوب أدبي رصين أو بالسخرية
أحيانا. تتفق معه تارة، وتختلف معه تارة أخرى، وقد يختلف النيهوم مع نفسه تارة
أخرى عندما يعيد النظر كما حدث مع نظريته الرمز في القرآن، أو أنك تعتقد أن مشروع
الجامع الذي ينظّر له من الصعوبة تطبيقه في أرض الواقع، كل ذلك لا يهم، فالمهم أن
المقالات التي كتبها سواء في الستينات أو السبعينات أو الثمانينات ما زالت صالحة
للقراءة حتى يومنا هذا، فما زلنا نعايش المشاكل التي أراد أن يعالجها، وكأنه كتب
مقالاته لتعيش ما لا يقل عن مائة سنة!
كتاب (تحية طيبة وبعد) من إصدار دار برنيشي للكتاب، جمع
فيه مقالات الصادق النيهوم والتي كتبها في سنوات متفرقة ولمواضيع مختلفة كالسياسة
والدين والاجتماع، ويتساءل الناشر في كلمته: "كيف تأخرنا حتى هذا الوقت في
نشر هذا الكتاب؟"
في مقاله "تحية طيبة وبعد" يكتب النيهوم على
لسان الحاج الزروق: (قلت لك أن الأب (اليكسي زخلروف) كان يصف الجنة لرواد الكنيسة
في قداس يوم الأحد حتى أسال لعاب الرواد وأغراهم بفعل الخير.. كان يعرف من أين
تؤكل الكتف ويعرف الجنة شبرا شبرا.. ولولا أنه كان يقرأ من الإنجيل لاعتقدت أنه
وكيل سياحي.. لكن الأب اليكسي زخاروف كان يقرأ من الإنجيل)
وفي مقاله "وجهة نظر.. في مشكلة ملحّة": (..
الفرق الحاسم بين المواطن المصاب (بنقص المعرفة) والمواطن المصاب (بنقص التغذية)
أن أحدهما يسعل طوال الليل ويعاني من فقر الدم والسل، والآخر يركض مثل الحصان
ويحمل عصاه معه لكي يكسر رأسك إذا قررت أن تلعب أمامه دور الطبيب)
وفي مقاله "أين تجذف إسرائيل": (فدعنا ننقل
إسرائيل إلى أي مكان آخر.. دعنا نحملها بين ذراعينا ونطوف بها على دول العالم
ونسأل عند كل بوابة: هل لديكم مكان شاغر لإقامة دولة أبناء الله؟ هل لديكم حقول
يستولي عليها أبناء الله ويطردون أصحابها. هل لديكم صفاية تصفى بها مواطنيكم فنضع
اليهودي داخل الحدود وغير اليهودي خارج الحدود؟"
الصادق النيهوم... تحية طيبة وبعد