الجمعة، 31 أغسطس 2012

عدو عدوك صديقك , الدكتور عدنان ابراهيم نموذجاً

بسم الله الرحمن الرحيم , والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين و سيدنا محمد وعلى اله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد :-

لاشك انك سمعت خطبة أو محاضرة للدكتور عدنان إبراهيم , أو تكون قد سمعت عنه , أو تحدث عنه شخص بشأنه , فالدكتور أصبح حديث الناس وأصبح لديه مؤيدين ومعارضين , مادحين وذامين , ممجدين ومزندقين , وإنما حدث ذلك لاختلافه عن باقي اقرانه فهو غزير العلم وموسوعي ومتعمق , له مباحث في علوم الدين وغيرها كالعقيدة والفقه والفلسفة و وله خطب يتزايد يوميا عدد مشاهديها , وقد يعتبره البعض حجة إن قال شيء فهو الحق بعينه لا يقبل النقاش .

على العموم في حديثي هذا لا اقصد التمجيد لهذا الدكتور ولا ذمة أو تحليل شخصيته أو توضيح مقاصده , ولكن اقصد عبر هذه الكلمات التعبير عن استغرابي من موقف الآخرين اتجاهه وبالأخص من يمجد الدكتور ويمدحه وهو في الأساس يذمه من حيث لا يدري .

من خلال متابعتي للدكتور في كثير من خطبة محاضراته ( في حدود 70 خطبة ومحاضرة ) استطعت أن اعلم فيما يقره وينكره ما يؤمن به وما يكذبه , وكل ذلك بلسانه لا بلسان شخص أخر , فمن خلال طرحه طرحه لأفكاره واراءة ومنهجيته وجدت تقريبا أن كل الطوائف يختلفون معه , لا لمجرد اختلاف في الألفاظ أو الفروع بل اعني في الأصول والمنهجية التي قد تؤدي إلى الذم والاستخفاف والتقليل من شانه أو حتى تكفيره وزندقته وهذا للأسف ما حصل , وسوف أقوم بالتحدث عن هذه الطوائف واختلافهم معه

ولعل ابرز طائفة ولا يخفى على من يتابعه هم :

1- السلفية :

مع تسليمي لهم بمسمى السلفية الذي يعجبهم , ثارت ثائرتهم عندما تحدث عن معاوية بن أبي سفيان من خلال سلسلة من المحاضرات عددها 27 محاضرة ثم اتبعها ب 5 محاضرات للرد على شبهاتهم , وأقاموا الدنيا عليه ولم يقعدوها بل وخصصوا له حلقات للرد عليه ولم تخلوا من شتمه وزندقته والافتراء عليه كذلك في حين من الأحيان , وازدادوا ثبورا عندما تحدث عن خرافة الدجال وتقسيم التوحيد للإمام ابن تيمية وإنكار عودة عيسى ومشكلته مع البخاري , فهذه الطائفة أعلنت الجهاد على أفكار الدكتور عدنان إبراهيم .

ما حدث بعد ذلك هو محور حديثي وما أريد أن أتحدث عنه خصوصا , حيث حدثت حركة أشبه بما تكون بحركة قادة الجيوش أو السياسيين المحنكين أو التجار , فحدث بما يمكن ان اصفه ب" مصالح فكرية " فقد وقفت اغلب الطوائف بصف الدكتور عدنان إبراهيم ليس حبا فيه بقدر ما أن عدوهم الفكري أصبح مشترك وطبقوا القاعدة التي تقول عدو عدوك صديقك ! مع أن من بين هذه الطوائف من يختلف معه اختلاف كبير كاختلافه مع السلفية كما سأوضحه إن شاء الله .

فهذه الطائفة اعتبرت عدنان إبراهيم مبتدع وزنديق وكافر فهو يؤول الصفات ويطعن في معاوية وينكر المهدي والدجال وعودة عيسى عليه السلام و فكل هذه الأمور كفيلة لان يصبح اكبر عدو يهدد أمنهم وسلامتهم .

أما عن الفرقة الثانية وهم :

2- الشيعة :

رغم محاولة الدكتور للتقريب بين المذاهب ولعل أبرزها السنة والشيعة إلا أن الطرفان قرروا ألا يقتربوا , فلم يسلم الدكتور من الشيعة , وتكمن الخلافات في انه ينكر المهدي ( أي مهدي كان ) وينكر الإمامة ووجود نص للإمام , ويتضح هذا في خطبتيه " ظهر المهدي وفر المهدي " و " الإمامة بين السنة والشيعة " وكما هو معلوم عند الشيعة أن هذه تعتبر من الأصول الثابتة .
وكما انه يخالفهم في مسألة الصحابة وبالأخص أبو بكر وعمر وعائشة – رضي الله عنهم – , وهناك اختلاف كثير في الفروع لا تحصره هذه المساحة كون الدكتور من أهل السنة .


3- الاباضية :

وتعتبر هذه الطائفة اقل من الطائفتين في درجة الاختلاف , ولكن يظل الاختلاف قائم في العقيدة بالتحديد , فالدكتور عدنان إبراهيم اشعري الأصول , وهذا ما صرح به قبل أن يكون استنتاجاً , وكما نعلم الاختلاف العقدي في الصفات والقول بخلق القران ورؤية الله في الآخرة والشفاعة , وكل هذا وأكثر إذا تعمقنا في المسائل خلاف بين عقيدة الدكتور والاباضية , كما انه لا يقول بخروج فاعل الكبيرة من النار فقط , بل وبفناء النار .!
ويختلف كذلك مع " بعضهم " حول الصحابة وبالأخص عثمان وعلي – رضي الله عنهم - .


4- العلمانيين :

عندما نتحدث عن نظام الحكم والسياسة قد تظن أن الدكتور عدنان إبراهيم علماني ( واعني هنا بفصل الدين عن الدولة ) ولكن من يتابع الدكتور يعلم عكس ذلك تماما فله خطبة بعنوان " حكومة دينية أم مدنية " وله لقاء خاص في الجزيرة ببرنامج في العمق يتحدث عن نظام الحكم فهو لا يفصل بين الدين والسياسة , وكما قال في إحدى خطبه " الحق في شك " فيما معناه نريد نظام حكم كزمن أبي بكر وعمر , وكما هو معلوم كيف كان حكم أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما – وهذا ما يرفضه العلمانيون ويرمونك بالتخلف والرجعية وعقلك يعود إلى العصور الحجرية , الم تكن هذه الألقاب أحق بها الدكتور عدنان إبراهيم أيها العلمانيون ؟


5- التائهين :

واعني بالتائهين الذين لم يرسوا على بر أو ميناء . مذبذبين لا إلى هؤلاء ولا هؤلاء , من يتبعون أهوائهم لسبيل إرضائها , من لا يمكن حصر أفكارهم , وعندما تحاورهم كل ما تكتشفه بأنهم حرباء يتلونون في كل مرة بلون , وهؤلاء من وجدوا من الدكتور عدنان إبراهيم ارض خصبة لمصالحهم الفكرية , ومع انك لا تستطيع تحديد فكر معين لهم لكنهم يختلفون مع الدكتور في القواعد والمنهجية .
فهؤلاء ليس لديهم مذهب محددا , أي فتات من هنا وفتات من هناك , ويقولون بأنهم مسلمين ( وكأن المذاهب خارج الإسلام عندهم ) . والدكتور عدنان إبراهيم يقول عن نفسه : أنا اشعري الأصول وشافعي الفروع , وهذا أول خلاف فالمنهج .
الثاني أنهم يمسكون القران ويفسرونه بأنفسهم وهم لم يصلوا مرحلة الاجتهاد , حتى ابسط القواعد اللغوية لا يدركها , وإنما التفسير كما يحلوا له ويريه , ويعتبروا تفسير العلماء كالطبري والقرطبي والرازي وابن كثير من التفاسير القديمة وليس لها أي اعتبار , وكل هذا يخالف منهجية الدكتور وأفعاله . فهو يستدل بالعلماء الإجلاء في تفسيرهم وكتبهم وأقوالهم , بل انه يقول في إحدى خطبه انك لن تستطيع فهم كتاب الله ما لم تستعين بالعلماء , فهنا اختلاف في منهجية كلا منهما .
الثالثة ولان لكثرة أفكار هؤلاء التائهين سيخالفونه حتما في مسألة من المسائل , على سبيل المثال مسألة الخلافة فهي لا تخرج عن ثلاث اطر
الأول : إما أن يقولوا أن الخلافة بالشورى بالتالي يتفقون مع الدكتور في هذه المسألة وسيختلفون معه حتماً مع مسالة أخرى وإلا كانوا يعدون من مذهب الدكتور .
الثاني : يقولون أن الخلافة بالنص فهم يختلفون معه مباشرة
الثالث : قول ثالث غير مما سبق وكذلك الاختلاف مباشره معه .


6- الأشاعرة :

وقد يستغرب البعض كيف يختلف الاشاعرة مع الدكتور عدنان إبراهيم وهو اشعري , وفي هذا الموضوع نكتة أردت سردها , والاختلاف فعلا وقع ولكن الاختلاف ليس في الأصول .
فمن إحدى خطب الدكتور فناء النار , واستدل بما استدل به الإمام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم , فقام بالرد عليه الأستاذ سعيد فودة , ولكن لم رد عليه ؟
هناك رؤية لطيفة لم قام سعيد فودة بالرد على عدنان إبراهيم , وذلك لان الأستاذ سعيد فودة متمسك بالمذهب الأشعري وأقوال علمائه كثيرا , ومن بين علماء الاشاعرة الإمام السبكي الذي رد على ابن تيمية وابن القيم في مسالة فناء النار في كتابه " الاعتبار بفناء الجنة والنار " . فرد سعيد فودة على عدنان إبراهيم ليس لان القول القول بفناء النار ليس بعقيدته بل لأنها معتقد لابن تيمية .



وفي النهاية ما أردته من حديثي لا لأزرع الشقاق وأثير الفتن , بالعكس تماماً , الهدف منه الكف عن رمي الألقاب بمجرد الاختلاف , فهذا هو الدكتور عدنان إبراهيم يختلف مع اغلب الطوائف , وليس هو من يختلف مع بقية الطوائف بل كثيرين وقد تكون من بينهم أنت , وأنا اعني بالذات ذلك الذي يمدح عدنان إبراهيم ويتابعه أول بأول ويستدل به , إذا ما اختلف مع شخص يحمل نفس أفكار الدكتور رماه بالزندقة أو التخلف أو الترفض أو غيرها من الألقاب غير المستحبة , أفما كانت هذه الألقاب ترمى في عدنان إبراهيم قبل أن ترميها في من خالفك ؟ أم كون عدنان إبراهيم بينك وبينه عدو مشترك وجعلت من قاعدة عدو عدوك صديقك قاعدة لك ؟

واسأل الله الإخلاص .. وصل اللهم على سيدنا محمد ...

0 التعليقات:

إرسال تعليق